بحث هذه المدونة الإلكترونية

المناسبات الكنسية




أفضل كريسماس
بقلم شيرى غالب
أفضل كريسماس
كعادتها في هذا اليوم تجلس بذات الشاطئ الهادي المظلل بالأشجار
ففي هذا اليوم من العام دائما تحمل دميتها الحمراء (بابا نويل )وتجلس برفقتها
أفضل كريسماس
فهذا هو اليوم الذي تحب أن تشعر فيه الأمل و السعادة والحياة
تنظر لدميتها مبتسمة :ها أنا معك كعادتنا كل عام تحيط بنا الأشجار وأمامنا البحر الصافي .ثم تكمل مبتسمة :أعلم جيدا انك ستعطينى هديتي, ولكنى لا اعلم متى ؟؟
أفضل كريسماس
وبعد فترة ليست بقليلة قامت لتعود أدراجها و إذ بها تنظر شاب يحمل من الوسامة والثقة والاعتداد ما لا يحمله سواه يعدو خلفه متسولان صغيران.
أفضل كريسماس
فجلست تتابع ما سيفعلونه معه , معيدة دميتها لكرسيها متسائلة في نفسها :هل سيحصلون منه على أموال??? ولكن
للمفاجأة فقد رأتهيخرجشيئاً من حقيبته وبينما هي متلهفة لمعرفة ماذا يفعل !!!إذ به يخرج كرة مستديرة ويلعب بها مع الطفلينالمتسولينوهمايعدوانخلفه وهو يضحك بصوت يكسر السكون الذي كان يسود الشاطىء.
لا تشعر أجسادهم الصغيرة بالبرد القارص جراء ملابسهم البالية المهللة ,ولا يتضرر هو من الطين والقذارة التي تغطيه وهو يحملهم.
والغريب أنها لمتستطعمغادرة الشاطئ ولم تستطع منع عينيها عن مراقبة هذا الوسيم مهما حاولت.تنظر فتجده يجرى من أمامهم تاركا إياهما ويعود محملا بعبوات الأيس كريم الكبرى وأنواع الشيكولاتات المختلفة.
أفضل كريسماس
تحادث دميتها متسائلة :أمن المعقول أن يكون هذان المتشردان أولاده ...ثم أكملت :لا اعتقد أنرجلاًبوسامته وشيكاته واعتداده بنفسه هو والدهما ؟
وبينما هي تحادث دميتها إذ بالكرة تسقط من أحد الطفلين على رأسها
فأمسكت بالكرة ولم تستطع منع لسانها من السباب والصياح
وبعد أن انتهت من وصلتها المتميزة وجدته ينظر لها دون أي ابتسامة أو اعتذار متسائلاً :أتعتقدين أن بجلوسك بجوار تلك الدمية الصامتة تقضين أفضل كريسماس؟؟
فهبت مدافعة عن نفسها :أتعتقد أن لعبك مع هذينالمتسولينهو أفضل كريسماس؟
فقذف الكرة في الهواء من ضيقه مطالبا كلا الطفلين إحضار بعض المشروبات الساخنة.
أفضل كريسماس
وبمجرد اختفاءالولديننظر لها بضيق متسائلاً :أتعنى أن جلوسك مع تلك الدمية الحمراء أفضل من اللعب مع أطفال يحلمون بمجيء هذا اليوم؟
فشعرت بإحراج وتمتمت بهجوم مباغت : من أنت حتى تحكم على الناس؟ ليس من الواجب علىَ أن أقدم كشف حساب بأعمال الخير التي اعملها ؟
أفضل كريسماس
ثم أكملت باعتداد: أما كان من الأفضل لهم أن تحضر بعض الملابس الثقيلة لتدفئتهم بدلا من إنفاق تلك الأموال في اللعب غير المجدية؟
فرد بتساؤل: أتعتقدين أن إلقائك الفتات من أموالك وطعامك هو الأفضل لهم؟؟؟ بلى عزيزتي... أن نزولك من برجك العالي وقضاء بعض الوقت برفقة هؤلاء هو ما يجعلهم يشعرون بجمال الكريسماس
وبينما هو يكمل وعظته لها إذ بها في عالم أخر فقد راقتها كلمة( عزيزتي ) ولم تستمع لباقي العظة.
أفضل كريسماس
وفى ذات اللحظة ... عاد فيها الطفلان وهمامحملان بالمشروبات الساخنة والكيك
فامسكوه بأياديهم الصغيرة محثين إياه على مواصلة اللعب معهم
فاخذ يحمل أصغرهما ويعدو به ملقياً إياه في الهواء وضحكاته يكاد يسمعها سكان القمر
وبعد القليل من الوقت فوجئ الطفلان بمن يأتي لهم محادثاً أكبرهم متسائلةً :أهناك مكان لأخرى تلعب معكم؟
أفضل كريسماس
فأومأ الطفلان موافقة فأعادت دميتها إلى الكرسي وهى تغمز لها بعينيها : أشكرك لأنك أحضرت لي هديتي المطلوبة.





قصة ميلادية

حذاءجوسي
(عـن قصـة للكاتـب البرازيـلي فرانسوا كوبي - عام 1903).
 
منذ زمان بعيد جداً، منذ سنين كثيرة بحيث لا يمكن تذكُّر تاريخها الدقيق، عاش في قرية في جنوب البرازيل طفل صغير يبلغ عمره سبع سنوات، اسمه: ”جوسي“. وكان هذا الطفل قد فَقَدَ والديه حينما كان صغيراً جداً جداً، فتبنَّته عمته التي كان مشهوراً عنها أنها بخيلة جداً، لكن بالرغم من أنها كانت تمتلك أموالاً كثيرة، إلاَّ أنها لم تصرف أي شيء على ابن شقيقها. ولم يكن جوسي يعرف ما معني المحبة، ظنّاً منه أن هذه هي الحياة بدون المحبة، لذلك لم يكن يتضايق أبداً من هذا.
كانا (جوسي وعمته) يعيشان وسط جيران أثرياء، لكن العمة أقنعت ناظر المدرسة في المدينة أن يُلحق ابن أخيها في المدرسة مقابل عُشر المصاريف العادية، وهددته بأنها ستشكوه لحاكم المدينة إن هو رفض طلبها. ولم يكن أمام ناظر المدرسة من خيار سوى أن يوافق. إلاَّ أنه أوصى المدرسين في المدرسة أن ينتهزوا كل فرصة لإذلال جوسي على أمل أن يتصرَّف كردِّ فعل للمعاملة السيئة بما يتخذونه ذريعة لطرده من المدرسة. ولكن جوسي، لأنه لم يكن يعرف شيئاً اسمه المحبة، فظن أن هذه هي الحياة. لذلك لم يكن يتضايق أبداً من هذا. 

وحلَّ عيد الميلاد. وكان كاهن القرية في إجازة، وكل تلاميذ المدرسة كان عليهم أن يذهبوا إلى كنيسة بعيدة عن القرية ليحتفلوا بعيد الميلاد.
سار الأولاد والبنات، تلاميذ المدرسة، معاً؛ يتحادثون عن الملابس الجميلة، والعرائس غالية الثمن، والشيكولاته، وألواح التزحلق، والدراجات التي يهديها لهم بابانويل في عيد الميلاد. ولأن اليوم كان عيد الميلاد، فقد كانوا كلهم يلبسون الملابس الجديدة، إلاَّ جوسي الذي كان يلبس ملابس رثة، ونفس زوج الصندل الذي يصغر مقاسه عن قدمه (لأن عمته أعطته له وهو في الرابعة من عمره، قائلة له إنها ستغيِّره بصندل جديد حينما يبلغ العاشرة من عمره).
وكان الأطفال يتساءلون فيما بينهم: لماذا هو (جوسي) فقير هكذا؟ وكانوا يقولون إنهم يأنفون أن يكون لهم صديق يرتدي مثل هذه الملابس وهذا الصندل. ولكن، لأن جوسي لم يكن يعرف أبداً شيئاً اسمه المحبة، لذلك فإن أسئلتهم وتعليقاتهم لم تكن تُضايقه أبداً.
لكن جوسي حينما ذهب إلى الكنيسة، وسمع صوت الأُرغن يعزف، ورأى الأنوار الساطعة، ونظر جموع الناس وهم في أفخر الثياب، مجتمعين معاً والوالدين يحتضنون أطفالهم؛ إذ به يحسُّ أنه أحقر شخص في هذه الخليقة.
لذلك فإنه بعد التناول من الأسرار المقدسة، وبدلاً من أن يمشي مع رفقائه عائداً إلى منزله، جلس وحيداً على درجات سُلَّم الكنيسة، وبدأ يصرخ. لم يكن يعرف أبداً ما يُسمَّى المحبة، ولكنه فقط في هذه اللحظة فَهِمَ كيف أنه وحيدٌ وبلا مُعين ومتروكاً من كل أحد.
غير أنه لاحَظ طفلاً صغيراً بجانبه، عاري القدمين، وواضحٌ أنه فقير مثله. لم يكن قد رأى هذا الطفل من قبل، فظن أنه ربما يكون قد سار على قدميه العاريتين طريقاً طويلاً ليحضر إلى الكنيسة. وأخذ يُفكِّر في نفسه:
- ”لا شكَّ أن قدميه قد تهرَّأتا. لذلك فأنا سأُعطيه واحداً من زوج الصندل الذي ألبسه. وهذا سوف يُريحه من نصف تعبه“.
ولأن جوسي لم يكن يعرف المحبة، إلاَّ أنه كان يعرف التعب، ولم يكن يريد أن الآخرين يتعبون مثله؛ ولذلك فقد أعطى واحداً من زوج الصندل الذي يلبسه للطفل العاري القدمين، وعاد إلى منزله بالفردة الأخرى. وكان يلبس فردة الصندل في قدمه اليمنى مرة، ثم يُغيِّره بلبسه في القدم اليُسرى؛ وهكذا إلى أن وصل منزله. لذلك لم تُصَبْ قدماه بالكدمات أو بالجروح من جراء الحجارة التي على الطريق.
وحالما وصل جوسي المنزل، لاحظت عمته أنه يلبس فردة واحدة من الصندل وليس فردتين. لذلك أخبرته أنه إن لم يعثر على الفردة الأخرى في اليوم التالي، فسوف يتعرَّض لأقسى العقاب.
وآوى جوسي إلى الفراش وهو يشعر بالخوف الشديد، لأنه كان يعرف كم قسوة عقاب عمته عليه. وظل طيلة الليل يرتعد من الخوف، ولم يستطع أن يغمض له جفن. ولكن بعد مدة كبيرة، وبينما كان النوم يغلبه، سمع ضوضاء في الغرفة المجاورة. واندفعت العمَّة إلى الغرفة لتعرف ماذا هناك؟! فإذا بها ترى فردة الصندل التي أعطاها جوسي للطفل العاري القدمين، موضوعة في منتصف الغرفة.
وعند هذه اللحظة، كان النهار قد بدأ يُشرق، وكان الكاهن الذي أقام القداس الإلهي في الكنيسة في الليلة الماضية، قد وصل إلى الكنيسة وهو يلهث، ذلك أنه ظهر على درجات سُلَّم الكنيسة تمثال للطفل يسوع، لم يكن موجوداً من قبل، متدثِّراً كله بالذهب، لكنه كان يلبس في قدمه فردة صندل واحدة!
وخيَّم الصمت على كل مَن كان حاضراً، ومجَّدوا الله على هذه المعجزة: ظهور هذا التمثال المُذهَّب (الذي لم يكن موجوداً من قبل). أما العمَّة التي حضرت هي الأخرى إلى الكنيسة، فقد أخذت تجهش بالبكاء، وتلتمس من الله الغفران. وأما قلب الطفل جوسي فقد امتلأ بالقوة، وبدأ يعرف معنى ”المحبة“. +
م ن ق و ل


اسطوانة تسبحة عشية الاحاد الكيهكيه

كامله مع الطقس الكيهكى كاملا



وتشمل الاسطوانه على
الجزء الاول
الطقس الكيهكى كاملا
الجزء الثانى
... تسبحة عشية احاد كيهك
1- ترتيب تسبحة عشية كيهك
2 - لحن نى اثنوس
3- الهوس الرابع
4- لحن الى العصر
5- ابصاليات واطس لتسبحة عشية احاد كيهك
6- مديح واطس امدح عذراء وبتول
7- ثيؤطوكية السبت وجميع التفاسير من الرومى والمعقب والمصرى والصعيدى والبحيرى وايضا المدايح للمعلم توفيق وبعض المدايح للام ايرينى
8- الشيرات الكيهكى
9- لحن الطرح الكبير
والاسطوانه فى خمسة اجزاء
وهذه هى روابط التحميلالجزء الاول

الجزء الثانى

الجزء الثالث

الجزء الرابع

الجزء الخامس

صوم الميلاد المجيد


ما أجمل أيام الصوم المقدس .. تشتاق النفوس الروحانية لهذه الأيام المقدسة .. فلها رائحة خاصة، ومذاقه مميزة .. ففيها يحلو للنفس أن تتوب في هدوء وسكون.
دعنا نصوم بنقاوة القلب وهذه تحتاج إلى:
التوبة القلبية
& "ارجِعوا إلَيَّ بكُل قُلوبِكُمْ، وبالصَّوْمِ والبُكاءِ والنَّوْحِ. ومَزّقوا قُلوبَكُمْ لا ثيابَكُمْ". وارجِعوا إلَى الرَّب إلهِكُمْ لأنَّهُ رَؤوفٌ رحيمٌ، بَطيءُ الغَضَبِ وكثيرُ الرّأفَةِ ويَندَمُ علَى الشَّر" (يؤ 2: 12-13).
إن أصوام الكنيسة هي مواسم التوبة وتجديد العهود .. مواسم العودة إلى أحضان المسيح نرتمي فيه ونبكي .. نبكي على الزمان الرديء الذي مضى ..
& "لأنَّ زَمانَ الحياةِ الذي مَضَى يَكفينا لنَكونَ قد عَمِلنا إرادَةَ الأُمَمِ، سالِكينَ في الدَّعارَةِ والشَّهَواتِ، وإدمانِ الخمرِ، والبَطَرِ، والمُنادَماتِ، وعِبادَةِ الأوثانِ المُحَرَّمَةِ" (1بط4: 3).
& "إنَّها الآنَ ساعَةٌ لنَستَيقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فإنَّ خَلاصَنا الآنَ أقرَبُ مِمّا كانَ حينَ آمَنّا. قد تناهَى اللَّيلُ وتقارَبَ النَّهارُ، فلنَخلَعْ أعمالَ الظُّلمَةِ ونَلبَسْ أسلِحَةَ النّورِ. لنَسلُكْ بلياقَةٍ كما في النَّهارِ" (رو13: 11-13).
آه لو تحرك قلب الكنيسة نحو التوبة بحس واحد ..
آه لو تحرك قلبي وسط الجماعة المُقدَّسة للعودة إلى المسيح ..
إن لمسة الرب يسوع المسيح ..
شافية النفس والجسد والروح ..
ومجددة للحواس وباعثة للحياة.
r r r
ربي يسوع ..
سامحني واعْف عني ..
أسندني لكي لا أخطئ إليك ثانية.
دعني أُقبِّل قدميك وأبللهما بدموعي وحبي.
دعني أرتمي في حضنك الإلهي كطفل في حضن أمه.
أبكي بفرح العودة .. أبكي برجاء النصرة.
أبكي بروح القيامة من سقطاتي الرديئة.
سأكون لك بنعمتك، ولن يستعبدني العالم ثانية،
ولن يسبيني الشيطان مرة أخرى، ولن يخدعني الجسد بأوهامه.
r r r
مُخلِّصي القدوس ..
لقد ذقت مرارة الخطية، واكتشفت وهمها الرديء.
كنت أظنها حرية مُفرحة، فوجدتها عبودية قاسية.
الآن أدرك بنعمتك أنك وحدك فيك الحرية والفرح والسعادة،
وبدونك حياتي مُرّة وكئيبة. الآن أدرك لماذا يفرح الصائم:
"مَتَى صُمتُمْ فلا تكونوا عابِسينَ" (مت6: 16).
إنني أفرح الآن بعودتي إليك بعد التيهان،
لأستقر في حضنك بعد الضياع. الآن تتوق نفسي إلى القداسة،
بعد أن دنسّت نفسي وجسدي بأفعالي الدنيئة.
الآن يتغير اتجاه حياتي ليكون المسيح هدفي ومحور اهتمامي،
لأنّ "ليَ الحياةَ هي المَسيحُ" (في1: 21)،
بعد أن كان العالم ولقمة العيش والجسد واللذات،
قد استولوا عليَّ، فأفقدوني هويتي ومعنى وجودي،
وسلبوا مني فرحتي، وتركوني ملقى بين حي وميت ..
أنتظر سامريًا صالحًا يضمد جراحاتي.
تعالَ إذًا يا ربي يسوع،
واحملني على منكبيك،
وأودعني كنيستك المُقدَّسة ..
لأُشفى من جراحات نفسي العميقة.
أُشفى بك وبلمساتك الحانية في كنيستك مستشفى التائبين.
r r r
أيضًا في صوم الميلاد المجيد نحتاج أن نتدرب على:
الهدوء والصمت
& "لأنَّهُ هكذا قالَ السَّيدُ الرَّبُّ قُدّوسُ إسرائيلَ: "بالرُّجوعِ والسُّكونِ تخلُصونَ. بالهُدوءِ والطُّمأنينَةِ تكونُ قوَّتُكُمْ (إش30: 15).
إن إيقاع الحياة الصاخب، وعنف متطلبات المعيشة، وكثرة الحركة والانشغال والهموم ... أفقدوا الإنسان معناه وإنسانيته، وحولوه إلى مجرد ترس في ماكينة ضخمة يتحرك بتحركها، ويقف بوقوفها إن وقفت.
إن الإنسان اليوم يعيش في تشتت مُرعب، يُبدد قوى الجسم والنفس والعقل .. فكم بالحري قوى الروح!! إننا أحوج ما نكون إلى فترات هدوء واعتكاف .. نعود فيها إلى أنفسنا، ونغوص في أعماقنا بدون تأثير المشتتات الخارجية. إنها رحلة إلى أعماق الإنسان .. لاكتشاف الهوية وضبط الاتجاهات.
دعونا نختزل من برنامجنا اليومي كل ما هو غير ضروري: الثرثرة والأحاديث الباطلة، والتليفزيون، والمكالمات التليفونية الطويلة دون داع، والزيارات غير الضرورية، والملاهي والمآدب.
ألاَّ ترى أنه سيتجمع لدينا وقت كاف للتمتع بالهدوء والاعتكاف .. في جلال الصمت وخشوع العبادة والتأمل والتعمق، واكتشاف سطحيتنا وزيف علاقاتنا مع الآخرين!! إن كلامنا الثرثار في طوفان الأحاديث الباطلة قد فقد قوته ومعناه.
والصوم بجلاله .. يُعيد إلى الكلمة قُدسيتها ووقارها وسُلطانها."إنْ كانَ أحَدٌ لا يَعثُرُ في الكلامِ فذاكَ رَجُلٌ كامِلٌ، قادِرٌ أنْ يُلجِمَ كُلَّ الجَسَدِ أيضًا" (يع3: 2).
آه لو نستطيع أن نقتطع من برنامجنا اليومي الصاخب لحظات للهدوء والاعتكاف والتزام الصمت!! اسمع الصوت الذي كلّم القديس أرسانيوس قديمًا: "يا أرسانيوس إلزم الهدوء والبُعد عن الناس، وأصمت وأنت تخلُص .. لأن هذه هي عروق عدم الخطية". فإن كان القديس أرسانيوس قد لزم الصمت والبُعد عن الناس طول العمر .. فليس بكثير علينا أن نلزمها لحظات يوميًا خاصة في الصوم.
العالم اليوم يحتاج إلى شهادة حيَّة .. لا بالوعظ والكلام، بل بقديسين يحملون نورًا وفرحًا وعمقًا، ورزانة ووقارًا، ولهم سر الصمت وقوة الهدوء، كعلامة وبرهان على حضور الله فيهم.
كل عام وكل الكنيسة في ملء بركة المسيح ..
بالتوبة والصلاة والصوم الصادقين.
الأنبا رافائيل


مـن وحـي المـزود



30.12.10

الكاتب: عـادل عطيـة

لا تسحب صبرك يا الله . لن تيأس مهما فعلنا .. لن تيأس !
لا تيأس منا يا الله . لا. لن تيأس .
فأنت تعرف كم نحن ضعفاء..
.. وبطيئو الفهم !
لم نعي بعد: لماذا اخترت أن تولد في المزود ؟
فأنت قلت: "الصديق يراعي نفس بهيمته" ..
؛ لكننا: أضطهدنا الحيوانات العجماء، فأنهكناها بالنير الثقيل، وعذّبناها بضربات السياط القاسية !
وقلت: "اسألوا البهائم فتعلمكم" ..
؛ لكننا: احتقرناها، واستخدمنا ألقابها في تعابير الإهانة النابية !
وقلت: "الثور يعرف قانيه. والحمار معلف صاحبه" ..
؛ أما نحن ـ شعبك، وغنم مرعاك ـ ، فلا نعرف، ولا ندرك ..
وحتى هذه اللحظة لا نعرف، ولا ندرك .. ! *** *** ***
يالله . يا من ولدت وسط الحملان؛ حتى تصير حملاً للغفران، وبدمك الثمين تفدي الإنسان !
افدينا، افدينا، افدينا ...
.. من غبائنا .
واكشف عن عيوننا، وقلوبنا؛ لنرى حكمتك المتجلية في زريبة الماشية !
أنت. يا من ولدت في أوضع مكان، في أوضع خان، في أوضع قرية صغيرة ..
فلتولد ثانية في قلوبنا الحقيرة، ونفوسنا الحقيرة، وحياتنا الحقيرة ...
؛ فنحتفل بعيدك، المثلث الأقانيم :
.. عيد مولدك في الكون !
.. وعيد مولدك في قلبنا !
.. وعيد مولدنا في رحابك المُرحّبة ، التي تشع على المدى بالبر والقداسة ! 



 ثلاثة تسبيحات على مستوى الثلاثة تقديسات , لأن سر اللاهوت انفتح عالميا . ابونا متى المسكين

13 وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: 14 «الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ». 
لوقا 2 : 13 , 14

ثلاثة تسبيحات على مستوى الثلاثة تقديسات , لأن سر اللاهوت انفتح عالميا .
 

هنا بحسب اللاهوات : اعلان
 ( ابيفانيا ) و استعلان الهى ( ثيوفانيا ) معا .

اما الاعلان فبيد ملاك هو 
" ملاك الرب " الخاص حاملا اعلانا من الله للرعاة , و أما الاستعلان فهو استعلان الله نفسه الى الذى سبق و عبر عنه القديس لوقا " مجد الرب اضاء حولهم " . بهذا نفهم الفرق بين الملاك و جمهور الجند ؛ فالملاك مرسل من الله , و اما جمهور الجند السمائى فهم خدام العرش المحيطون بالرب يظهرون لحظة استعلان الرب أو ظهوره , و هنا استعلان فى السماء و ظهور على الارض !!
لذلك يلاحظ هنا ان التسبحه بدأت أولا بـ
 "المجد لله" , و هو صراخ الذكصا كاعلان تسبيحى لحضور العظمة فى ملئ السموات العلا فوق الصبي ! أما "السلام على الارض" فهو لنزول رب السلام لحظة لمس جسد المولود أرض الشقاء ليملأ أرضنا سلاما لا ينزع منا الى الابد ؛ و أما "فى الناس المسرة" , فلأن مصدر السرور و الفرح الالهى أخذ لحما من لحمنا و تجنس بجنسنا , و لن ينزعنا عنه الى الابد . فيا لسعدنا بالذى ولد لنا . و هل يعقل أن يولد لنا ولد و نعطى ابنا هو من السماء و ليس من أرضنا , و الله أبوه أرسله الينا ليحملنا اليه؟

كان لابد للملائكة ان تترنم فى السموات العلا و تردد صداها الارض الى الابد . فالقدير صنع بنا عظائم , و أحزان البشرية أشرق عليها سلام و فرح !
 

ان ما يقوم به اهل الغرب , ليلة الكريسمس , بالفرح و التهليل بكل الالحان و الموسيقى و الغناء و الرقص فى كل شارع و ميدان و زقاق و ركن و يخرج الجميع عن رزانتهم , هو استجابه سنوية لتهليل السماء . و منذ القديم و اشعياء يترنم أيضا بلسان النبوة قبل الميلاد بسبعمائة عام :
 
( وَلَكِنْ لاَ يَكُونُ ظَلاَمٌ لِلَّتِي عَلَيْهَا ضِيقٌ. كَمَا أَهَانَ الزَّمَانُ الأَوَّلُ أَرْضَ زَبُولُونَ وَأَرْضَ نَفْتَالِي يُكْرِمُ الأَخِيرُ طَرِيقَ الْبَحْرِ عَبْرَ الأُرْدُنِّ جَلِيلَ الأُمَمِ. 2 اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُوراً عَظِيماً. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظَِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ. 3 أَكْثَرْتَ الأُمَّةَ. عَظَّمْتَ لَهَا الْفَرَحَ. يَفْرَحُونَ أَمَامَكَ كَالْفَرَحِ فِي الْحَصَادِ. كَالَّذِينَ يَبْتَهِجُونَ عِنْدَمَا يَقْتَسِمُونَ غَنِيمَةً. 4 لأَنَّ نِيرَ ثِقْلِهِ وَعَصَا كَتِفِهِ وَقَضِيبَ مُسَخِّرِهِ كَسَّرْتَهُنَّ كَمَا فِي يَوْمِ مِدْيَانَ. 5 لأَنَّ كُلَّ سِلاَحِ الْمُتَسَلِّحِ فِي الْوَغَى وَكُلَّ رِدَاءٍ مُدَحْرَجٍ فِي الدِّمَاءِ يَكُونُ لِلْحَرِيقِ مَأْكَلاً لِلنَّارِ. 6 لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ. 7 لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا. ) 
اشعياء 9 : 1- 7 

طوباك يا اشعياء , يا من رأى النور فى حلك الظلام , و السلام و الفرح و البر و الملكوت فى حجر المولود فى مذود بيت لحم !! و هكذا فان كانت الملائكة سبحت بأفضل ما عندها , فلم تعدم البشرية نبيا سبح بأعظم منها !!
 

من كتاب : الانجيل بحسب القديس لوقا : دراسه و تفسير و شرح – للاب متى المسكين  


عظة عن عيد النيروز لنيافة الأنبا أرسانيوس مطران المنيا







++++++++++++++++
بين النيروز والصليب وشهداء العهد القديم



بين النيروز [ 11 / 9 م – 1 توت ] والصليب [ 27 / 9 م – 17 توت ]

تستقبل الكنيسة تذكار الشهداء الأطهار بنغمة الفرح (يصلى بالطقس الفرايحى من أول عيد النيروز وحتى عيد الصليب) وتظل فى اعلان فرحتها بالشهادة إلى أن تختمها بنغمة الإنتصار فى عشية عيد الصليب، حين تصلى باللحن الشعانينى، الذى تستقبل به الملك المنتصر.
تعلن الكنيسة بهذا، وفى حياة أولادها وبناتها أن الشهادة للمسيح "فرحة" وأن صليب المسيح نصرة"!
لم يسمح الله بالاضطهاد انتقامًا من المؤمنين أو عقابًا لهم،... كلاّ .. بل أنه في محبته الشديدة لهم يخصّهم بأفضل الأكاليل، إذ يمثّل الشهداء المرتبة الأولى في الكنيسة يليهم المعترفون.. بل أن الاستشهاد هو نعمة وكرامة لا يستحقها كل إنسان، إن الشهيد هو الإنسان الذي تصل شهادته للإيمان بالله حد الموت، وبينما كان المضطِهدون ينظرون إلى المقبلين على الموت باعتبارهم أشخاصًا متعصبين مبالغين في أمانتهم، كان الاستشهاد بالنسبة لهم هم يعبر عن الأمانة منتهى الأمانة.
إن الكنيسة تحتاج بين حقبة وأخرى إلى دماء الشهداء لتجديدها وأنهاض قلوب الشعب، ولقد كانت دماء الشهداء بذار الكنيسة، وكانت الكنيسة بالتالي في أزهى عصورها وأقواها خلال الفترات التي تعرّضت فيها للاضطهاد وقدمت بالتالي الكثير من أولادها كشهداء. في حين ضعفت في الفترات الأخرى التي لم يكن فيها اضطهاد، حيث يقوى روح الاستشهاد بين الناس.


ولكنه ولأجل الضعفاء ولئلا تخور قواهم وعزائمهم فإن الله يسمح بنهاية تلك الفترات العصيبة، وبذلك تكون مثل تجربة يتنقّون ويزكّون من خلالها، في حين يترك الأمم حتى يمتلئ كأسها "يمنعوننا عن أن نكلّم الأمم لكى يخلصوا حتى يتمموا خطاياهم كل حين ولكن قد أدركهم الغضب إلى النهاية" (1تس 2:16) ومع ذلك فإن الله رحيم حتى بالأمم فهم في النهاية خليقته (حكمة 11: 9، 10 و 12: 20-22). فقد كان المضطهِدون هم الأداة التى استخدمها الله في تأديب شعبه.
من هم الشهداء :
الشهداء هم أبطال الإيمان فى كل العصور قديما وحديثا . عن أبطال العهد القديم يقول القديس بولس :
" .. و اخرون عذبوا و لم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة افضل . و اخرون تجربوا في هزء و جلد ثم في قيود ايضا و حبس . رجموا نشروا جربوا ماتوا قتلا بالسيف طافوا في جلود غنم و جلود معزى معتازين مكروبين مذلين . و هم لم يكن العالم مستحقا لهم تائهين في براري و جبال و مغاير و شقوق الارض . فهؤلاء كلهم مشهودا لهم بالايمان لم ينالوا الموعد . اذ سبق الله فنظر لنا شيئا افضل لكي لا يكملوا بدوننا " عبرانيين 11 : 35 – 38

والأستشهاد ليس قاصرا على المسيحيين منذ عهد الرسل إلى اليوم ، بل هناك أنبياء استشهدوا فى العهد القديم ، وقد اعتبرت الكنيسة هؤلاء شهداء العهد القديم : "شهداء مسيحيون قبل المسيحية". . إليهم أشار معلمنا بولس الرسول في (عبرانيين 11: 35 - 39) وعلى أسماءهم بنيت عدة كنائس لاسيما في إنطاكية .
الشهيد استفانوس شهيد المسيحية ، يشهد أن اليهود قتلوا الأنبياء :
+ " يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائما تقاومون الروح القدس . كما كان آباؤكم كذلك أنتم . أى الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجىء البار .." أعمال 7
أمثلة من شهــداء من العهـد القديــم

+ الشهيد الاول : كان هابيل هو اول الشهداء من اجل اللة كانت محبتة كبيرة وكانت ذبائحة سخية – " وقدم هابيل ايضا من ابكار غنمة ومن سمانها .فنظر الرب الى هابيل وقربانة " - تكوين 4 -4 ؛ وقد حسده اخوه قايين وقتلة .

تعرض اليهود إبان الحكم السلوقي [ ما بين القرن الثانى والثالث قبل الميلاد ] لشتى ألوان الاضطهاد، فقبل ذلك الوقت كانت متاعبهم تتعلق بشكل رئيسي بالوطن والصراعات الحربية، ولكنهم في هذه الفترة كانوا مضطهدين وهم داخل أوطانهم، فبينما كانت لهم الحرية الدينية الكاملة وهم في الشتات مثل مصر وبابل، نجدهم عاجزين عن إتمام واجباتهم الدينية وهم بجوار الهيكل، بل أن الهيكل ذاته تحول إلى معبد للإله زيوس!!


+ استشهاد اليعازر : الذي رفض أكل لحم الخنزير (2مكا 6: 18 - 31] إصحاح 6 وهو فى سن التسعين ...
+ وقد اُضطهد كل من ختن ابنه، فلقد علقوا طفلين في عنق أمهم لأنها ختنتهم!
+ وكذلك تعرض للأذى كل من اقتنى نسخة من التوراة، حيث صدر الأمر بالتخلص من جميع نسخ الشريعة وقتل كل من سلك بمقتضاها (1مكا 1: 50، 56، 57، 60، 61)
+ الإخوة المكابيون السبعة ، وأمهم : التى كانت تراهم يُعذَّبون ويموتون أمامها واحدا بعد الآخر ، وهى تشجّهم على الأمانة لله وعدم مخالفة الشريعة . لقد أجابوا الملك : " لن ينفعَك هذا كله ، فنحن نموت ولا نحيد عن شريعة آبائنا .. أيها المجرم ( 2 مكابيين 7 : 2و9و14 ) . وعندما جاء الدور على آخر واحد ، وهو الابن الأصغر ، قالت له الأم : " لا تخـَف من هذا الملك السفـّاح ، وكن شجاعا كإخوتك ورحِّب بالموت ، لألقاك معهم برحمة الله " (7 : 29 ) .
أمثلة من الأنبياء الشهداء :
+ إشعياء النبى .. تذكار نياحته 6 توت [ تنيح سنة 913 ق م ]

في مثل هذا اليوم تنيح النبي العظيم إشعياء بن آموصبعد ان نشره منسي الملك ، بمنشار الخشب .هذا النبي تنبأ في زمان خمسة ملوك وهم : عوزيا . ويوثام .وأحاز ابنه . وحزقيا ، ومنسى . وسفر إشعياء معروف بنبواته عن تجسد السيد المسيح ، والآمه على الصليب ..
+ استشهاد ارميا النبى (5 بشنس)
في مثل هذا اليوم استشهد القديس ارميا أحد الأنبياء الكبار أبن حلقيا الكاهن. وقد تنبأ في عهد يوشيا بن أمون ملك يهوذا ويهوياقيم بن يوشيا، وقد ميزه الله تعالي بقوله: "قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك. جعلتك نبيا للشعوب" (أر 1: 5) وتنبأ هذا النبي عن مجيء الرب المخلص وآلامه وأشياء كثيرة غير هذه ، وانتهت حياته المقدسة حيث رجمه اليهود أنفسهم في مصر ومات شهيدا بالسجن.
+ استشهاد زكريا الكاهن (8 توت)
+ أستشهاد يوحنا المعمدان وهو نبى و شهيد العصرين . تعيد له الكنيسة 2 توت
ما الذى نتعلمه من الشهداء ؟
- نتعلم منهم المحبة المطلقة للسيد المسيح : " إن كان أحد يأتى إلى ولا يبغض أباه وأمه وإمرأته وأولاده وأخوته وأخواته حتى نفسه أيضا فلا يقدر أن يكون لى تلميذا " ( لوقا 14 : 26 ) .
- نتعلم منهم الأمانة حتى النهاية : يقول كتاب الرؤيا : " لا تخف البته مما أنت عتيد أن تتألم به ......، كن أمينا حتى الموت ،فسأعطيك إكليل الحياة " ( رؤيا 2 : 10 ) .
- نتعلم منهم الصبر والثبات فى الضيق والاضطهاد : ها أنا آتى سريعا . تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك . من يغلب فسأجعله عمودا فى هيكل إلهى ، ولا يعود يخرج إلى خارج ... " ( رؤيا 3 : 11 – 13) .
- نتعلم منهم رجاء المجد : بقول يوحنا أيضا فى رؤياه : " .... هللويا ، فإنه قد ملك الرب الإله القادر على كل شىء . لنفرح ونتهلل ونعطه المجد لأن عرس الخروف قد جاء وإمرأته هيأت نفسها . وأعطيت أن تلبس بزا نقيا بهيا . لأن البز هو تبررات القديسين " ( رؤيا 19 : 6 ) ... شكرا لإلهنا يسوع المسيح ، المكتوب على ثوبه وعلى فخذه :
ملك الملوك ورب الأرباب{
+ + +
نبذة عن المكابيين

+ المكابيون هم كهنة من العشيرة الحشمونية من أبناء يهوياديت (1 أي 24: 7)، أول من أخد هذا اللقب هو يهوذا بن متاثيا وهو يهوذا الملقب "بالمكب" ومعناه المطرقة، ومن ثم اتخذ الاسم "مكابيين"، ثم أطلق بعد ذلك علي كل العشيرة بل وعلي كل من قاوم الحكام السلوقيين.
** سماته:
ملحوظة : تسلسل الممالك [ تمثال نبوخذ نصر : بابل – مادى وفارس – اليونانيين – السلوقيين ]
+ لم يتوقف تاريخ الشعب اليهودي بعد انتهاء الحكم الفارسي بل تابع مجراه تحت سيطرة اليونانيين في ظل السلالات المنبثقة من فتوحات الاسكندر، ففي البدء كان تحت حكم البطالمة في مصر، ثم انتقل إلى حكم السلوقيين المالكين في سوريا.

وسفر مكابيين يروى تاريخ فترة من الزمن تمتد إلى أربعين سنة من جلوس انطيوخس أبيفانيوس على العرش (انطيوخس الرابع السلوقي) (175 ق.م) وقام باضطهاد اليهود ليلزمهم بعبادة الأوثان، فقد طلب الملك من متاثيا الكاهن أن يقدم ذبيحة للوثن حتى يقتدي الكل به؛ فرفض، ولما ضعف رجل يهودي وتقدم نحو المذبح قام متاثيا بقتله هو ونائب الملك وانطلق إلى الجبال ومعه كثيرون..
أرسل الملك يحاربهم يوم السبت فقتل نحو ألف منهم دون مقاومة، لكنهم أدركوا الأمر وقاموا بالهجوم وهدم المذابح الوثنية الخ.. ولما مات متاثيا تولي القيادة ابنه الثالث (يهوذا المكابي) وكان شجاعا وحكيما فأحبه الشعب، وقد غلب يهوذا في مواقع كثيرة وطهر أورشليم من الوثنية وبنى مذبحا جديدا وعيدوا ثمانية أيام وفي السنة الثالثة وفي نفس اليوم الذي تدنس فيه الهيكل رسم " عيد تجديد الهيكل " سنة 165 ق.م. ثم مات انطيوخس سنة 164 ق.م. بعد هزيمة جيوشه وتمزق جسمه بقوة الله (2 مك 9: 11، 12). (إقرأ بموقع كنيسة الأنبا تكلا نص السفر كاملًا).
وفي سنة 161 ق.م. بعد أن غلب يهوذا نيكانور السلوقي قتل يهوذا وخلعه يوناثان أخوه.. هذا الأخير آسره قائد الجيش السوري تريفون وقتله عام 142 ق.م. فتولي أخوه شمعون الزعامة وكان قويا لكنه اغتيل بيد صهره بطولمايس سنة 135 ق.م. فخلعه ابنه يوحنا هركانوس (135 - 105 ق.م.)..الخ
+ يعتبر المصدر التاريخي الوحيد الذي بين أيدينا يتكلم عن جهاد اليهود في سبيل الاستقلال الديني والسياسي خلال تلك السنوات.
+ لهذا السفر قيمته التاريخية الجلية، وله أيضا لذته الشيقة في القراءة وخاصة في أزمان الاضطهاد والأزمات الحادة لأنه ينفث في قارئه روح الولاء والإخلاص حتى الموت.
+ يستعمل كلمة السماء عوضا عن اسم الله الذي يغفل ذكره في هذا السفر، وفيه الكثير مما يدل على الرجاء بالمسيا المنتظر. ... ** محتويات السفر:
أولا: اضطهاد اليهود

+ غلب الاسكندر الأكبر "المقدوني" داريوس ملك الفرس والماديين وقامت المملكة اليونانية وخضع لها ملوك كثيرين ومن بعد موته انقسمت المملكة إلى 4 ممالك وظهر انطيوخس أبيفانيوس الذي حارب ملك مصر (بطليموس) وعاد إلى أورشليم بجيش ثقيل ودخل إلى المقدس متعجرفا وأمر بعبادة الوثن وعدم الختان، فادت محاولة هذا الملك لمحو دين اليهود وقوميتهم إلى التمرد الوطني بزعامة المكابيين (ص1:1- 10).
+ الثورة والجهاد (ص11:1- 64): غار متاثيا الكاهن إذ رأي الهيكل ذليلا واشتهي الموت عن الحياة فاخذ يجمع كل من له غيرة علي شريعة الرب وعهده.
+ قدم متاثيا أمثلة لرجال الله الغيوريين
- إبراهيم كان أمينا في تجربته (حسب له برا)
- يوسف حفظ الوصية (سيد مصر)
- كالب أمينا في شهادته (نال الميراث)
- إيليا الغيور (صعد إلى السماء)
- دانيال (خلص من الجب)
+ بداية الجهاد الذي قامت به أسرة المكابيين (ص1:2- 70).
ثانيا: يهوذا المكابى (ص3 - 9)
+ وصف لتطورات هذا الجهاد إلى موت يهوذا، وبزعامة يهوذا تمكن اليهود من الظفر بحريتهم الدينية (ص1:3- 22:9).
+ ظهور يهوذا بن متاثيا وانتصاراته (ص 3، 4) - + صار شبيها بالأسد في أعماله (3: 4)
+ لا تخافوا كثرتهم ولا تخشوا بطشهم. (4: 8) - + هجومه ضد الأمم الثائرة عليهم (ص 5)
+ إذ كان انطيوخس يحارب في فارس لينهب مالهم سمع عن هزيمة ليسياس في اليهودية فمرض من الحزن وأوصى صديقة كوصي على ابنه وفي نفس الوقت عاد ليسياس وأقام نفسه وصيا (ص 6)
+ قتل ديمتريوس السلوقي الروماني ليسياس والملك الصغير، كما حارب أورشليم لكن يهوذا غلب قائدة (ص 7)
+ معاهدة صداقة بين المكابيين وروما (ص 8)
+ ديمتريوس يرسل حملة ثانية ضد يهوذا ويغلب فيقوم ناثان عوض أخيه يهوذا (ص9)
ثالثا:أهم الأحداث بعد يهوذا (ص 10 - 16)
+ استعد إسكندر بن انطيوخس (الملك المقتول) لقاتله ديمتريوس قاتل أبيه ومحاولة كل منهما استمالة يوناثان ص 10
+ يوناثان يجدد أسوار أورشليم ويحارب الاسكندر الذي قتل ديمتريوس، ويقوم ابن ديمتريوس بمحاربة يوناثان فينهزم أمامه فيكافئه الاسكندر.
+ الاسكندر يطلب صداقة بطليموس ملك مصر ويتزوج أبنته.
+ انتصارات بطليموس ووصوله إلى سوريا، وقتله إسكندر وتزويج ابنته لديمتريوس عوض إسكندر (ص 11)
+ تكوين صداقة بين يوناثان وديمتريوس.. الأول أنقذ الثاني وأعاد إليه العرش من الثائرين ضده.
+ احتيال تريفون صديق الاسكندر واسترداد الملك لابن الاسكندر، وتودد تريفون ليوناثان وشمعون أخيه.
+ تجديد الصداقة بين يوناثان وروما، وخدعة تريفون ليوناثان. (ص 12)
+ شمعون يقود الجيش بعد اغتيال أخيه يوناثان، ... وتريفون يقتل ابن الاسكندر،… تودد شمعون لديمتريوس ومصالحته..تطهير شمعون جميع الحصون من الوثنية واستتاب الأمن في اليهودية وزيادة الخيرات (ص 13)
+ ديمتريوس يحارب مادي فينهزم ويسقط أسيرا (ص 14).
+ انطيوخس يحكم عوضا عن ديمتريوس ويتودد لشمعون ،… مهاجمة انطيوخس لتريفون وهروب الأخير (ص 15)
+ خدعة قائد أريحا لشمعون وابنيه وقتله لهم.. عرف يوحنا بن شمعون باغتيال والده وأخويه فقاد الجيش عوض أبيه،.. حروب يوحنا وأعماله وبناء الأسوار وصيرورته رئيس كهنة عوض أبيه (ص 16).
## الأعياد والمحافل المقدسة: فرح دائم في الرب
+ أعياد أسبوعية: يوم السبت: - راحة في الرب (لا 23: 1 - 3)
+ أعياد شهرية: رأس الشهر (الهلال الجديد): - حياة التجديد في الرب
+ كل 7 سنين: السنة السبتية: - إبراء للرب
+ كل 50 سنة: سنة اليوبيل: - حرية كاملة بالروح القدس
+ أعياد سنوية :
1- الفصح 14 نيسان: موت المسيح خر 12: 13، لا 23: 5 - 2- الفطير 15 - 21 نيسان: قداسة الحياة المخلّصة لا 23: 6 -8، 1كو 5: 8 - 3- الباكورة 16 نيسان: المسيح بكر الخليقة الجديدة لا 23:9 -14.
4- البنطقستي (عيد الأسابيع أو الخمسين) 6 سيوان : الروح القدس قائد الكنيسة لا 23: 15 - 21، أع 2: 1- 4
5- الأبواق أو لهتاف 1، 2 تشري (بداية السنة المدنية): المسيح الملك لا 23: 23 - 25
6- الكفارة 10 تشري: الفداء بالصليب لا 23: 26 - 32، لا 16.
7- المظال 15 - 22 تشري: غرباء نترقب السماء 23: 39 - 43، زك 14: 16
8- التجديد أو تدشين الهيكل أو الأنوار 25 كسلو- 1 طيبيت: تجديد الهيكل بعد نصرة يهوذا المكابى مكابيين أول 4: 59 - 9- الفوريم 14 - 15 آذار: الخلاص في أيام أستير أس 5: 14، 9: 18 – 32
+ + +
عيد النيروز عيد الشهداء
بقلم مهندس عزمي إبراهيم
10-9-2012
عيـد النيروز هو عيـد الشهداء التي روت دماؤهم أرض مصر
وكُتِب بها فصلا من فصول تاريخ مصر
وهو عيـد رأس السنة القبطية
تهنئة للكنيسة القبطية المجيدة
وتمنيات بحياة يغلفها الرخاء والصفاء بين جميع أبناء مصر
والحرية والاستقرار لمصر
***
دم الشهيـد يجرى كنهـر النـور على أرض المدينـة
إبن الكنيسة ضَحَّى ومات عشان تعيش أمه الأمينـة
ولكل نقطــة دم منـه... دمعــة فى عيـونها الحزينـة
مـــات؟

أبـــداً ما مــات
عايش وغالى فى حضنها
قلبــه يـدق فى قلبــها... وإسمـه فيـها شـرف وزينـة
***
دم الشهيـد يشبـه لِنــار حاميـة فى ساعـة مصرعـُـه
بتلسـع الجــلاد فى قلبــه... ولا سـيفـه يقــدر ينفعـُـه
نسى فى يومهـا ان المسيـح بيشيـل شهيـده ويرفعـُـه
إلى سمـــاه

إلى بهـــــاه
بعـــد ما ضـحَّى الحيــــاه
ما بين ملايــكة وقديسيـن... أخـد مكانـه ومَوْضعـُـه
***
دم الشهيـد... كتـب سطـور تاريــخ كنيسـة مُخلــَّـدَه
سَمًـوها "أم الشهـداء"... كنيسـة جامعــة مُوَحــَّـــدَه
بحبـهم حفظـوا الإيمــان، وبدمـّــهم رَسَمـوا الفـــِـدَا
صـاروا مَثــَـل لكل جيـــل
صـانـوا الكنيسة ومجــدها
حتعيش مـدى الأيـــام منــار.. بين الكنايـس سـيـِّـدَه
*****

مهندس عزمي إبراهيـم
+++++++++++++++++++++++++


قدمت المسيحية مفهوماً جديداً للألم...



لم يعد الألم أمراً يتعلق بالجسد، لكن غدا له مفهوم روحى يرتبط بالحب – محبة المسيح !! ونحن نرى الحب في شخص المسيح يسعى نحو الألم ليستخلص من براثنه من اقتنصهم، ويحرر من سلطانه من أذلهم...
لقد تغيرت مذاقة الألم، وأصبح صليب الألم شعار المجد والغلبة والنصرة، بل الواسطة إليها...
فى المسيحية ننظر إلى الصليب على أنه علامة الحب الذي غلب الموت وقهر الهاوية، واستهان بالخزى والعار والألم !!.
لقد أصبح احتمال الألم من أجل المسيح هبة روحية... " لأنه قد وُهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضاً أن تتألموا لأجله." (رسالة فيلبي 1: 29).
وهكذا تبدلت صورة الألم ومذاقته فارتفع إلى مستوى الهبة الروحية !!. وأصبح شركة مع الرب في آلامه:
" ان كنا نتألم معه لكى نتمجد أيضاً معه " (رساله روميه 8: 17)... " لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته. " (فى3: 10)
وإذا كانت المسيحية هي الحب، فالموت في سبيلها هو قمة الحب والبذل بحسب تعبير اكليمنضس الاسكندرى: [الاستشهاد ليس مجرد سفك دم، ولا هو مجرد اعتراف شفهى بالسيد المسيح، لكنه ممارسة كمال الحب].
علمت المسيحية أن الإنسان مخلوق سماوى:
السماء بالنسبة للإنسان هي الهدف الأسمى، والغرض المقدس، هي كل شئ بالنسبة له، هى الكنز الحقيقى الذي يطلبه ويقتنيه.
هى وطنه الأصلى ومستقرة النهائى. هي الوجود الدائم مع الله.
فبداية الإنسان يوم خُلق كانت في السماء، وسوف تكون فيها نهايته حينما يعود إليها... ومن هنا أحس الإنسان بغربته في العالم. هذا العالم الفانى الذي سوف يمضى وشهوته معه.
وجعل كل أشواقه أن يعود إلى وطنه الأول السماء.. وأكدت أسفار العهد الجديد هذه الحقيقة...
فيذكر معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين قائلاً: " في الايمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض." (عبرانيين 11: 23).
ويكتب إلى أهل كورنثوس... "فإذا نحن واثقون كل حين وعالمون أننا ونحن مستوطنون في الجسد فنحن متغربون عن الرب... فنثق ونسر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب." (2كو5: 6،8).
وعلمت المسيحية أن الإنسان المؤمن يجب أن تكون أشواقه نحو السماء
ويكتب معلمنا بولس إلى أهل كولوسى مشجعاً إياهم بقوله: " من أجل الرجاء الموضوع لكم في السموات " (كو1: 5)...
وفى هذا المعنى يكتب بولس الرسول قائلاً: " فإن سيرتنا في السموات التي منها أيضاً ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح " (فى3: 20).
ويقول لأهل كولوسى: " اطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض " (كولوسى 3: 1،2)..
وانطلاقاً من هذا المفهوم أن الإنسان مخلوق سمائى، وأن أباه في السماء، فإنه في صلواته يناجى الله في السماء، ويقدم صدقاته عالماً أنه يكنز في السماء (مت19،20). ويتشفع بالملائكة، و القديسين الذين انطلقوا إلى السماء..
بل وأكثر من هذا أن نفسه سوف تزف إلى العرس السمائى.. وبسبب كل هذه الأحاسيس والمفاهيم المقدسة كانت معنويات المعترفين والشهداء عالية جداً في السجون.
...
أما هذا الرد فهو [ أنا مسيحى ] أما صيحة الشعب الهائج التي كانت تعقب هذا الاعتراف فهو [الموت للمسيحى]..
كان المتهم لا يجيب عن وضعه الاجتماعى في العالم، لأن الأمور الأرضية كانت تافهة القيمة في نظره. حتى لو أراد القاضى أن يعرف ما إذا كان عبداً أو حراً، وهو موضوع كان على جانب كبير من الأهمية في تلك الأزمنة، فإنه ما كان يهتم بالاجابة... لأن كل فكره كان مركزاً فى الاهتمام بالانطلاق من هذا العالم الحاضر ليفرح بالاكليل المعد له من قبل الرب والميراث الأبدى. لينضم إلى كل الذين سبقوه من الشهداء والقديسين ليحيا معهم حياة التسبيح الدائم في الفردوس.
إن الشهداء قبلوا الآلام، لا للآلام في حد ذاتها ولكن لأنها علامة الشركة الحقيقية التي تربطهم بالسيد المسيح له المجد الذي قبل الآلام لأجلنا ليهبنا الحياة الأبدية.
إن سحابة الشهداء مازالت مضيئة في الكنيسة إلى يومنا هذا، وهم يتشفعون أمام المسيح لأجل اخوتهم إلى أن يكمل العبيد رفقائهم


+++++++++++++++++++++++++++++++++

عِيدُ نَيْرُوز قِبْطِيٌّ جَدِيدٌ




في تقويم الكنيسة اهتمام خاص بالاستشهاد والشهداء٬ وفي عيد النيروز نذكر الآلام والدماء والجهاد الذي احتمله القديسون، والذي صار لنا بداية وأساسًا للكنيسة وبذارًا للإيمان٬ ولازالت الكنيسة تقدم حتى الساعة شهادة الدم٬ فليس شهداء نجع حمادي والعمرانية والمقطم والقديسَيْن بالأسكندرية واللاحقون لهم والسابقون ببعيدين عنا. وقد تسجلت الضيقات والتحقيرات والتعييرات والإهانات والمظالم التي أصابت عبيد الله في الذاكرة الإلهية.
لذا جعلت الكنيسة من اليوم الأول في تقويمها السنوي عيدًا لتكريم الشهداء والمعترفين٬ الذين غلبوا وانتصروا وعبروا ولم يحبوا حياتهم حتى الموت..... فبدم شهدائك أيها المسيح إلهنا تزينتْ كنيستك منذ شهادة أبينا البكر مارمرقس الإنجيلي مرورًا بشهدائك مينا ورفقة ودولاجي ودميانة وموسى الأسود وأبانوب وأبسخيرون وسيدهم بشاي وبطرس خاتم الشهداء. فالشهادة مستمرة حتى يومنا هذا، وهي واقع ملموس معاش وأكاليل محلِّقة فوق رؤوس الشهداء عبر الأجيال الذين انضموا إلى جوقة الشهداء المختارين على مائدة الحمل... آلامهم وذبْحهم وتفجيرهم صار معبرهم للمجد المعَد لهم، وح
ظوا بشهادة عظيمة بلغوا بها مبلغًا عظيمًا، وُهبت لهم، وتأهلوا بها ليكونوا من مساهمي كأس مسيح القيامة وعدم الفساد.
موتهم كان ذبائحيًا، ونهايتهم كانت نتاج اعترافهم بالمخلص الذي دُعي اسمه عليهم، لذا نحسبهم ترنيمة عذبة في فم كنيسة هذا الزمان بعد أن ذُبحوا وهم في عمر الزهور، ونثق أنهم اُختيروا وانتُخبوا لقوة ولبناء الكنيسة، ودماؤهم هي مفتاحهم للفردوس.
إننا نعي بالروح والفكر، وقد لمسنا بيقين أنك يارب تحوِّل الألم من عمل هدّام إلى قوة خلّاقة إذ ليس منفعة أرضية من القتل والاستباحة المتعمدة التي يقوم بها ضدنا أناس من جنسنا البشري.... لكننا نثق يارب أننا عندما نتمسك بيقين الإيمان نتقوىَ ونمتد٬ وما يشل أجسادنا ويثقل نفوسنا سترفعه عنا حتى لا نتحطم٬ فنتحول كالسابقين الأولين من متألمين إلى شاهدين، ويصير ألمنا خلّاقًا وذبيحة عندك، عندما تحمل أنت أحزاننا وتتحمل أوجاعنا بسبب معموديتنا حسب وعدك الصادق.
والآن يارب في هذا العيد اذكر عبيدك الذين استُشهدوا في العام القبطي المنقضي٬ أولئك الذين تقدسوا بتقديم شهادتهم إليك.... والذين في ليلة عيد ميلادك قالوا "ها أنذا" (إش ٨:٦)٬ و"ها أنا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله" (عب ٧:۱٠)، إنهم أبرياء ككل شهدائك، لم يجتذبوا عقابًا لأنفسهم بأية إشارة فيها كراهية أو عدوانية.... لكنهم أطاعوا حتى الموت وحُسِبوا مختارين حينما طُلبت منهم الشهادة على أيدي الأثمة الذين غدروا بهم وذبحوهم لا لسبب إلا لأنهم أتباعك وحاملين صليبك وقد دُعي عليهم اسمك الحسن القدوس المبارك.
سكبوا نفوسهم الغضة وأعمارهم الشابة الصغيرة، وصارت دماؤهم وآلامهم خلّاقة لأنها بديلة عنا جميعًا وفدية عن الكنيسة كلها٬ وقد احتفلت الكنيسة بهم وذاع خبر شهادتهم من أقاصي الأرض إلى أقاصيها. كل واحد منهم بإسمه كجماعة وكأعضاء. إذ أن دماءهم ثمينة ومقدَّرة في الملكوت وعندنا نحن أيضًا.... ونحن نثق أن المبادلة والمشاركة والتلازم العميق يجعلهم يطلبون لأجلنا ويجعل لهم داخل الكنيسة مجالاً أوسع وقوة أكثر فاعلية إذ أنهم أدرى بما نحن فيه.... يضمون صلواتهم مع محفل الشهداء كي نتقوى على معايشة الشهادة اليومية التي لنا ليلاً ونهارًا وفي كل شيء كحقيقة حاضرة.
إن شهادتكم وملاقاتكم للموت والغدر ثم للإهمال والظلم يخبرنا أن شهادتنا قائمة بطول الحياة وكل يوم وأن موتكم صاحَبَه ميلاد وقيامة٬ فلا قيمة لكل ما هو خارج المسيح إلهنا العنقود العظيم الذي عصروه على الصليب في تحدٍّ للعقل والمنطق والزمن.
ولازال الشيطان وأتباعه يتوهمون أنه بالصليب والموت الذي يترصدوننا به ستُقتلع كنيسة الله، لكن مسيحنا الحي وعدنا بثقة الغلبة (ثقوا أنا قد غلبت العالم) فثبتنا في مواجهة المشتكي والقتّال للناس منذ البدء حتى لا نرجع إلى الوراء - لا تردنا إلى خلف - وحتى لا نترك محراث ملكوت السموات٬ مهما كان الإعصار الهادر المُحمَّل بالشك والتجاديف والقتل والمطاعن المسعورة.
وحينما نبدأ سنة قبطية جديدة في عيد النيروز نتعاهد أن لا نتخلىَ عن رسالتنا متمسكين بوديعة إيماننا مهما ازدادت موجات العداوة والكراهية والحنق الموجَّهة ضدنا، فمحبتنا ووداعتنا لا يعني اندحار أو تلاشي العداوة، لكن جهادنا وشهادتنا ورفضنا للاسترضاء الذليل لمعاندينا وإيجابيتنا ووجودنا مهما كانت مشقاته هو أعظم شهادة نحو خير البشرية. شهادة الأقوياء المقتنعين الراسخين حتى ولو كانت مخضبة بالدماء... أبناء كنيسة الشهداء التي احتملت الاعتداءات والبذاءات والافتراءات، وهي التي تتوَّج وتتقوى بالاستشهاد في بناء صرحها الأبدي، وهي دائمًا مستعدة له مهم�
� أحاطت الأزمنة الصعبة بسفينتها.

القمص أثناسيوس ﭼورﭺ.
+++++++++++++++++++++++++++++++++
التَّقوِيمُ الكَنَسِيُّ القِبْطِيُّ



عيد النيروز هو بداية أعياد الكنيسة القبطية وإعلان بدأ تتابعها البهيج، وبدأ السنة الطقسية الليتورچية. اتخذت الكنيسة من تذكار الشهداء بدأ تقويمها المعروف بتقويم الشهداء، وهو التقويم الذي اتخذ من سنة اعتلاء الطاغية دقلديانوس عرش الامبراطورية بداية له، تخليدًا لشهداء الكنيسة القبطية الذين حفظوا الإيمان ولم يحبوا حياتهم حتى الموت في سبيل الحفاظ عليه.
وكلمة نيروز هي فارسية الأصل وتعني اليوم الجديد، وعيد النيروز هو بداية التقويم الكنسي ووضع الأچندة الطقسية الليتورچية، والتي وفقًا لها يتم ترتيب وضبط الدورات الطقسية كي تكون السنة - كل سنة – مقبولة... سنة للرب، فتقويمنا مرتبط بخلاصنا ومستقبلنا الأبدي، ليس كعودة إلى الماضي، بل كحياة حاضرة نحياها معاشة الآن.
وفلسفة التقويم القبطي تجعل من شخص ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح محور الزمن، وهو الذي يجعل للتاريخ معنىً، هو بدايته ووسطه ومحتواه وغايته ونهايته المطلَقة، فتاريخنا وتقويمنا يعتمد على عهد الله الخلاصي وعلى عمل نعمته.
فالأقباط هم أول من قسَّم الزمن وأرَّخ للسنين، بعد أن برعوا في دراسة العلوم الفلكية التي تميز بها الفراعنة. وقد جاء حساب الأبقطي لتحديد عيد الفصح وفقًا لجداول فلكية قننها البطريرك "البابا ديمتريوس الكرام"، ثم وُضعت الأعياد والمناسبات والتذكارات في أطُر التقويم، لتكون شهادة مستمرة ودائمة بأن عمانوئيل إلهنا معنا إلى انقضاء الدهر، عمانوئيل اسمه النبوي، ويسوع اسم تجسده، والمسيح اسم عمله الخلاصي، وأعمال تدابيره الخلاصية من أجل خلاصنا هي فعل حاضر ودائم ومستمر في الكنيسة، لأن كل عيد في الكنيسة شاهد لهذا الفعل الإلهي الخلاصي. فالعيد في الك
نيسة يأتي في التقويم لا كذكرَى لحدث أو تكرار له، بل هو شهادة لفعل دائم ولحياة خلاص أبدي، كذلك تكريم الشهداء وأبرار الكنيسة هو شركتنا ووحدتنا معهم رزقنا الله صلواتهم.
تقويمنا القبطي في عمقه يوحِّد ما يجزِّئه الزمان وما ينساه أو يتجاهله التاريخ، فيوقِّع التقويم تاريخ خلاصنا حاضرًا ومتجهًا للأبدية، مدموجًا وحيًا طول الأيام ومدى السنين وإلى الانقضاء... لأن (المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد) تتبارك السنة بجوده وآثاره تقطر دسمًا، حاضرًا في حياتنا وأيامنا وشهورنا وسنينا وأعمارنا... فنلمس معاصرة السيد الرب الإله لنا، حاضرًا في وسطنا ونحن نتبعه بكل قلوبنا ونسير معه مقتفين الطريق...
إنها ليست مجرد وصية خُلُقية لكنها مسيرة تتضمن تطابقًا كيانيًا بين الأعضاء والرأس. إنه تحقيق الكنيسة كحقيقة الملء النامي، مجتمعة في المسيح المخلص، حيث نحصل على الغنىَ والشبع والسرور في عزم واحد وانسجام سر الوحدة الإلهية، ونشهد لمقاصد الله الفادية ونرسمها في كل أطوار تحقيقها التدريجي، على اعتبار أن العريس حاضر دائمًا، وإن كان غير منظور. نذوق جمال وفرح ملكوته وتدبيره الخلاصي الثمين (بشارته، ميلاده، ختانه، دخوله إلى الهيكل، عماده، صومه، تجربته على الجبل، تجلِّيه، دخوله إلى أورشليم، عشاؤه السري، تسليمه، آلامه وصليبه، دفنه، نزوله إلى الجحي�
�، قيامته، ظهوره ببراهين لا تُقاوَم، صعوده، حلول روحه القدوس...).
التقويم يحقق عمليًا حقيقة أن الخليقة الجديدة واقع في الزمن، تتحقق عمليًا عبر المناسبات والأعياد والتذكارات الليتورچية... حيث يتجدد العالم والزمن، وتصير مسيرتنا خَطّية مستمرة ممتدة نحو المجيء وانقضاء الزمان، إنه زمن الخلاص والخبرة التعبُّدية الكنسية (الآن) في معايشة وصيرورة حاضرة لأحداث التدبير الإلهي.
إن أبعاد الزمن الثلاثة تتوحد في تقويمنا لتكون حاضرة ومتحركة إلى الأمام، زمن الله... زمن مقدس... زمن الكنيسة... زمن الخلاص... حيث يتحول الزمن المادي والسنة الزمنية إلى سنة روحية مقبولة، نبدأها بالطلبة إلى الله كي يبارك إكليل السنة بصلاحه، وأن يصوِّر في نفوسنا جمال صورته، وهو الذي يهدينا إلى استقامته بالروح المدبر، لأن قوة الله هي سلاح عظيم لضعفنا...
ونحن نطلب من صلاحك يا رب أن تسترنا، وأن تنجي نفوس عبيدك، وأن تُنعم علينا بالسلامة التي من السموات، وأن تملانا من رضاك ومن مواهبك الإلهية لنُثمر ثمارًا مقبولة أمامك في يوم الخلاص.

القمص أثناسيوس چورچ
+++++++++++++++++++++++++++++++++++

عيـد ميـلاد مَلـِـك الملـُـوك



بقلم مهندس عزمي إبراهيم
يا للعَجـَب !!
نـزل الإلــَـه.. مـن سَـمـاه
مولـود.. وفي مزود بقــَر
وقــت الميـلاد.. يا بهــاه
كانت النجـوم سهرانة ما مَلـِّـت سَهـَر
ماليـة السـما كأنها.. عيــون ملايكـة تمجـِّـدُه
بتغَـنِّي للعهـد الجـديـد لحـن السـلام، وتـردِّدُه
وتهني أركان الوجـود بنـور نزولـه ومولـِـدُه
***
مَلـِـك الملـُوك
جَمـَع البشـر على المَـوَدة والوئـام
والتعامـل باحتـرام
بَشـَّر بفَضْـل الحـُـب.. حـتى للأعـادي
والصِّفح.. حتى للي بـادي
والمغفـرة للخاطئين
ورحمتــه للتـائبيــن
راعَـى الفقيــر وأكـــرَمُه
ورعَى البسيـط وقيــِّــمُه
سـاوَى الرجال مع النساء
سـاوَى الخطـاة والأبريـاء
وسـاوَى وزن العَبـْـد يبـقى زي وَزْن سـَيـِّـدُه
***
مَلـِـك الملـُوك
أتــــانا واكتسح الظــلام
فرش على الدنيــا المحبـة والسـلام
ما كان لـه مـال ولا شـال سـلاح
ولا كـان لـه جيـــش يحتـاج إليـه ليسْـنِدُه
فـلا غـَــزا ولا هَجَــم
ولا ضَـرَب ولا رَجَـم
ولا قتــَـل ولا سَحـَـل
ولا سَـبَى ولا أسـَـر.. إلا بكلامه وحكمتـه
ومحبتـه ورحمتـه
و"...الحَــق..."
دستـور البشـر
أرسي قَواعـْدُه وأيـِّـدُه
وقال: لقيصَـر ما لقيصَـر وللإلــَـه ما أوجَــدُه
صـار الجميـع
حتى الملـُـوك
تسجــد أمــامه وتعبـــدُه
***
يا للعَجـَـب !!
نــزل الإلـــَـه من سَـمــاه
مولـود، وفي مزود بقـَـر
نــوره غمـَـر كـل البشَـر
بين البشَــر.. عـاش كالبشَــر
لا أمر شانـه ولا شيء أدانـه
ملــك الســلام داق الآلام
زي البشَـر
لأجْـل البشَـر
وكما وُلـِــد.. لا كالبشَـر
صُـلِب، ومـات،
وبمجـده قــام.. لا كالبشَـر
لأنـّـه الإلــَـه
داس على المُـوت وانتصَـر
***
مهندس عزمي إبراهيم


إكليل الشهداء




+ «إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا... لنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا، ناظرين إلى رئيس الإيمان ومُكمِّله يسوع» (عب 12: 2،1).
إكليل أيام الاضطهاد، وإكليل أيام السلم:
اهتم بعض آبائنا القديسين في عظاتهم بمناسبة أعياد الشهداء، بالحديث عن الاستشهاد وفضائل الشهداء من زوايا عديدة مختلفة. فالقديس أوغسطينوس مثلاً قال في عظته (المسيح: مجد الشهداء)(1): لقد سمعنا كلمات القديس الشهيد كبريانوس : ”في أيام الاضطهاد ينال النضال إكليلاً، وفي أيام السلم يُكافَأ الثبات في الإيمان“.
إذن، فلا يظن أي إنسان أنه تعوزه فرصة نوال الإكليل. قد تكون فرصة مكابدة الآلام أحياناً غائبة، ولكن فرصة الحياة التقوية دائماً حاضرة. ولا يظن أحد أنه ضعيفٌ في حين أن الله يزوِّده بالقوة، وذلك لئلا يكون خائفاً ليس بسبب ضعفه فحسب؛ بل إنه يفقد حتى ثقته في ذاك الذي يعمل في داخله: «لأن الله هو العامل فيكم، أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرَّة» (في 2: 13).
وقد شاء الله أن يُدرَج كِِلاَ الجنسين من جميع الأعمار ضمن الشهداء، فحصل الجميع حتى الأطفال على الإكليل. ولكن هل اعتمدت النساء بجسارة على قدرتهن؟ لقد قيل لكل إنسان: «أيُّ شيء لك لم تأخذه» (1كو 4: 7)؟ إن مجد الشهداء هو المسيح، كما نقول في مقدمة قانون الإيمان، إنه ”إكليل الشهداء، تهليل الصدِّيقين“. إنه يقتاد الشهداء ويُعطيهم قوة، ويُكافئهم بالإكليل. لذلك فشكراً لله الذي يُسلِّح النفوس بمثل هذا الاحتمال. وعندما أخبر الرب محبيه عن ضرورة القتال كان يُعدُّ مكافأة عادلةً للمنتصرين. لذلك قال: «طوبى للمطرودين (أو المضطهدين) من أجل البر، لأن لهم ملكوت السموات» (مت 5: 10).
ورغم أن السلام يسود في بعض الأوقات، إلاَّ أنه لا توجد أوقات خالية من اضطهاد خفي، فهو دائماً معنا. فعندما يكون هياج الاضطهاد ظاهراً لا يكون فخُّه مخفياً، وعندما يهيج كالأسد لا يزحف كالحيَّة؛ ولكن لأنه ليس أسداً ولا حيَّةً، فإن ملاحقته لنا دائماً هي ملاحقة معادية. وعندما لا يُسمَع زئيره، فاحترس من فخه، وعندما يُكشف عن فخه فابتعد عن زئيره. إنك تتجنَّب كلاًّ من الأسد والحيَّة إذا حفظت قلبك ثابتاً في المسيح. إن مرعبات هذه الحياة إنما هي حقاً عابرة؛ أما في الحياة الآتية، فإن ما يجب أن نحبه لا يزول ولا أيضاً ما يجب أن نخاف منه.
ويقول القديس سيزاريوس الذي من ”أرلز“: أيام السلم لها شهداؤها. فالتغلُّب على الغضب، ونبذ الحسد باعتباره سُم الأفاعي، ومقاومة الكبرياء والحقد من القلب، وكبح جماح الشهوات والشهية للطعام والشراب الزائدة عن الحد؛ كل هذا إنما هو جزءٌ كبيرٌ من الاستشهاد. إذا شهدتَ للحق حيث تدوسه الناس، تكون شهيداً، لأن المسيح هو الحق والعدل، فحيث يكون العدل أو الحق أو العفة في مأزق، فإن دافعتَ عن أيٍّ منها بكل قوتك تنال مكافأة الشهداء. وحيث إن كلمة ”شهيد“ تعني ”شاهداً“، فإن الذي يشهد للحق يكون بلا شك شهيداً للمسيح الذي هو الحق(2).
منفعة الاحتفال بأعياد الشهداء:
يقول القديس سيزاريوس :إن غرض الاحتفال بأعياد الشهداء، يا أحبائي، ينبغي أن يُذكِّرنا بأننا نُصارع تحت سلطان نفس الملك الذي استحقوا أن يُصارعوا هم تحت سلطانه ويغلبوا. وعلينا أن نتأمل في أننا حصلنا على الخلاص بنفس المعمودية التي حصلوا هم عليها، وأننا ثبتنا في الإيمان بواسطة نفس الأسرار الكنسية التي استحقوا أن ينالوها، وأننا نحمل على جباهنا علامة نفس القائد الذي سعدوا هم بأن يحملوا أوسمته. وبذلك فإن الشهداء القديسين الذين نحتفل بهم يتعرَّفون فينا على بعض فضائلهم، وذلك لكي يسرَّهم أن يتوسلوا لأجل رحمة الله علينا! لأن «كل كائن حي يحب نظيره» (سيراخ 13: 19).
ها هو قديسنا الذي نفرح بعيد استشهاده كان عفيفاً، فكيف يمكن للسكِّير أن يكون مرتبطاً به؟ أية شركة للنفس المتواضعة مع المتكبِّرة، النفس الطيبة مع الحسودة، الكريمة مع البخيلة، الوديعة مع الغضوبة، العفيفة مع الزانية؟ وطالما أن الشهداء الممجَّدين قد وزعوا ممتلكاتهم على الفقراء، فكيف تمكَّن الذين ينهبون ممتلكات غيرهم أن يكونوا محبوبين لديهم؟ لقد اجتهد الشهداء أن يحبوا أعداءهم، فكيف يمكن للذين لا يرغبون أن يتبادلوا المحبة حتى مع أحبائهم أن تكون لهم شركة معهم؟ فلنتشبَّه بالشهداء القديسين، يا أعزائي، بقدر إمكاننا حتى نستحق أن ننال الحِلَّ من جميع خطايانا بواسطة صلواتهم!
إن لم نستطع أن نتشبَّه بالشهداء في كل شيء، فعلى الأقل نتشبَّه بالكثير من فضائلهم بمعونة الله. فإن لم يمكنكم أن تحتملوا النيران التي تعذَّبوا فيها، فيمكنكم أن تتجنَّبوا الخلاعة. وإن كنتم غير قادرين أن تتحمَّلوا براثن المخالب التي عذَّبت الشهداء ومزَّقتهم، فازدروا بالجشع الذي يؤدِّي إلى المعاملات التجارية الآثمة والأرباح المحرَّمة.
وقال القديس أوغسطينوس في عيد الشهيد لورنس (في عظته المذكورة سابقاً): إنه كان شماساً، أي أقل رتبة من الأسقف؛ إلاَّ أن إكليل الشهادة جعله مساوياً للرسل! هذه الذكرى السنوية للشهداء الممجَّدين قد تأسَّست في الكنيسة، وذلك حتى يذكرهم الذين لم يشاهدوا آلامهم ويتجهون نحو التشبُّه بثبات إيمانهم وصلابته. لأنه إن لم تتجدَّد الذكرى السنوية للشهيد، يفقد استشهاده تأثيره في قلوب الناس. وفي جميع الأماكن لا نجد يوماً واحداً يخلو من تذكار شهيد قد نال إكليله. ففي مناسبة عيد أي شهيد، ليتنا نعدُّ قلوبنا للاحتفال حتى لا نحرم أنفسنا من التمثُّل به. لقد كان الشهيد بشراً مثلنا، وقد صنعنا الخالق ذاته الذي صنعه، وقد افتُدينا بنفس الثمن الذي افتُدِي هو به. لذلك فعلينا أن نتمثَّل به.
ما هو سبب نوال الشهداء الإكليل؟
يُجيب القديس أوغسطينوس بقوله (في نفس العظة): أعتقد أن ذلك لأنهم حفظوا أنفسهم في طريق التقوى واحتملوا آلامهم بصبر، ولأنهم أحبوا أعداءهم وصلُّوا لأجلهم. فإذا أحببتم الشهداء وتشبَّهتم بهم ومدحتموهم، تكونون أبناء الشهداء. أما إذا كانت سيرتكم مخالفة لسيرتهم، فإنكم تنالون جزاءً مخالفاً.
أيها الأحباء، إن الشيطان يكون دائماً إما هائجاً، أو كامناً في فخ. لذلك فعلينا أن نكون مستعدين بحفظ قلوبنا مثبَّتة في الرب. علينا أن نجتهد إلى أقصى حدٍّ في التوسل إلى الرب لكي يحصِّنَّا في وسط تلك التجارب والضيقات المزعجة، لأننا من أنفسنا لسنا شيئاً سوى أطفال صغار.
يقول الرسول بولس: «لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضاً» (2كو 1: 5). ويُعبِّر المرتل عن ذلك بقوله: «عند كثرة همومي في داخلي، تعزياتك تُلذِّذ نفسي» (مز 94: 19). وهكذا يخبرنا كل منهما أنه إن لم يكن المعزِّي معنا فإننا نرضخ لمَن يضطهدنا. كما أن القديس بولس يذكر أنه حدث بينما كان في خدمته أنه جُرِّد من قوة الاحتمال، حيث قال: «لا نريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة ضيقتنا التي أصابتنا في آسيا، أننا تثقَّلنا جداً فوق الطاقة» (2كو 1: 8). لقد فاقت هذه الضيقة قدرة الاحتمال البشرية، ولكن هل كانت هي أقوى من معونة الله؟ ثم يُكمِل قائلاً: «حتى أيسنا من الحياة أيضاً»(3). فكم كان خائراً بسبب كثرة المحن عندما كان الإعياء يكبحه، بينما كانت المحبة تدفعه كما بمنخاس!؟
يقول بولس الرسول: «كان لنا في أنفسنا حكم الموت، لكي لا نكون متَّكلين على أنفسنا، بل على الله الذي يُقيم الأموات، الذي نجَّانا من موت مثل هذا، وهو يُنجِّي، الذي لنا رجاء فيه أنه سيُنجِّي أيضاً فيما بعد» (2كو 1: 10،9). وهو يقصد بذلك أن يُخبر الكورنثيين أن المسيح يحافظ على حياته الحاضرة لأجلهم، لأنه نجَّاه من أنواع عديدة من الموت لئلا ينال إكليل الشهادة قبل أن يكفَّ رعاياه عن احتياجهم إليه.
الميلاد الحقيقي للشهداء:
ويقول القديس بطرس كريزولوغوس(4): ميلاد الشهداء الحقيقي هو من الأرض إلى السماء، من الكد والتعب إلى الراحة، من التجارب إلى السكينة والطمأنينة، من العذابات إلى المباهج التي لا تزول؛ بل إنها قوية وثابتة وأبدية، من المسرات الدنيوية إلى إكليل المجد. إن الذين يترجون الخيرات السماوية قد صمَّموا أن موطنهم هو في السماء، كما قال الرسول: «سيرتنا نحن هي في السموات» (في 3: 20).
على ذلك، فلتتجه قلوبنا إلى مسكننا السماوي، حيث تكون قلوبكم؛ بعد أن تكونوا قد وزَّعتم كنوزكم على الفقراء.
وفي عظة أخرى عن الشهيد اسطفانوس، يقول أيضاً القديس بطرس: لقد حصل الرسول بطرس على اسمه من ”الصخرة“، لأنه برسوخ إيمانه كان هو أول مَن استحق أن يكون إيمانه بالمسيح ابن الله الحيِّ أساساً للكنيسة. هكذا أيضاً حصل الشهيد اسطفانوس على اسمه من ”الإكليل“ (فهو معنى اسمه)، لأنه كان أول مَن استحق أن يُقاسي لأجل اسم المسيح، أول مَن استحق أن يفتتح طريق الاستشهاد بواسطة دمه المسفوك الذي يميز جنود المسيح! فليكن هو قائد ذلك الجيش الأرجواني لأنه كان محارباً شغوفاً، فقد سفك دمه لأجل دم سيده الذي كان لا يزال ساخناً. لقد نال رداءً أرجوانياً مصبوغاً بدمه. وكان قد حصل عند ولادته على اسمه من ”الإكليل“، حيث إن الله عَلِمَ مُسبقاً أنه سيكون أول مَن يأتي إلى مجد الاستشهاد(5).
ويقول القديس سيزاريوس: ولكن لماذا يُسلَّم القديسون ليد الأشرار؟ ذلك لأن «حياة الإنسان على الأرض إنما هي تجربة» (أي 7: 1 سبعينية).
في المباريات الدنيوية يُمتحن الذين يتسابقون لكي يتزكَّوْا ثم يحصلون على المكافأة. لهذا السبب فإن الشيطان أيضاً يجعل القديسين أحياناً تحت سلطانه، بسماح من الله، عندما يطلب ذلك. وليس الغرض من ذلك هو أن يؤذيهم في طهارة نفوسهم، بل لكي يزعجهم في ضعف أجسادهم. فإن لم يخضعوا بل قاوموا بإخلاص بمخافتهم للرب، تصير التجربة فرصةً لهم لنوال المجد.
إن الرب نفسه قد سُلِّم لأيدي الخطاة، كما أن القاضي الشرير قال له: «ألستَ تعلم أن لي سلطاناً أن أصلبك، وسلطاناً أن أُطلقك؟ أجاب يسوع: لم يكن لك عليَّ سلطان البتة، لو لم تكن قد أُعطيتَ من فوق» (يو 19: 11،10). وهكذا، فإنه لكي يُعلِّمنا ويُشدِّدنا، تحمَّل نكبات هذا العالم المكدِّرة وتغلب عليها.
فلندرك أننا لا يمكن أن نتجنَّب شرور هذه الحياة، بل يمكننا أن نتغلَّب عليها بمعونة الله. لذلك فإن المؤمنين بالمسيح يكون لهم نصيب مع الشهداء، إن كانوا يتحملون بصبر وشجاعة وبمخافة الله، الأمور التي يفرضها عليهم هذا العالم. ولذلك يقول الكتاب: «كما أنتم شركاء في الآلام، كذلك في التعزية أيضاً» (2كو 1: 7)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق