أريد فاطهُر _ أوريجانوس
أريد فاطهُر !
العلامة أوريجانوس
"
ولما نزل من الجبل تبعته جموع كثيرة. واذا ابرص قد جاء وسجد له قائلا يا
سيد ان اردت تقدر ان تطهِّرني. فمد يسوع يده ولمسه قائلا أريدُ فاطهُر!
وللوقت طهر برصه. فقال له يسوع انظر ان لا تقول لاحد.بل اذهب ار نفسك
للكاهن وقدم القربان الذي امر به موسى شهادة لهم" (مت 8)
"ولما نزل من الجبل"
عندما كان يسوع يُعلّم على قمة الجبل كان تلاميذه معه، الذين قد أعطي لهم أن يعرفوا أسرار التعاليم السماوية، والذي بواسطتهم قلب العالم البربري سوف يُملّح بمعرفة الخلاص، والذي بواسطتهم أعين العميان - المظلمة بظلال الانغماسات الأرضية - سوف تنفتح على نور الحق. لهذا يقول الرب لنا: "أنتم ملح الأرض .. أنتم نور العالم" (مت 5).
والآن عند نزوله من الجبل تبعته جموع كثيرة.
لا يستطيعوا بأي حال من الأحوال أن يصعدوا للجبل، لأن أحمال الخطية تثقلهم وتعوقهم جداً، ما لم يتخلصوا من حمولتها، هم غير قادرين تماماً على الصعود إلى مرتفعات الأسرار الإلهية. هكذا أيضاً لم يستطع شعب إسرائيل قديماً أن يصعد إلى الجبل وينظر وجه الرب، إذ أنهم كانوا مُقيّدين ومثقلين بأحمال طريقة الحياة التي تعلموها في مصر، لذا صعد موسى وحده، ومعه عدد قليل من بين حكماء إسرائيل. وكما صعد الرسل إلى الجبل مع الرب، هكذا تفعل أيضاً الآن النفوس المؤمنة، التي تخاف الله، وتحب الله، وتشتاق إلى ملكوته السماوي، التي دائماً تتبع الرب، إذ تصعد خلفه نحو الجبل السماوي، مستمعة إلى قول الرسول: "اهتموا بما فوق، لا بما على الأرض" (كو 2:3)
ينزل الرب إلى أسفل، أي ينحدر نحو عجز وضعف الآخرين، ويتعطف على ضعفهم وبؤسهم. والجموع الكثيرة تتبعه، البعض لمحبتهم له، والكثير منهم لسماع تعاليمه، وعدد غير قليل من أجل تحننه وشفاءه. وها هو أبرص، أحد هؤلاء الذين يترجون الشفاء، الذين يتوقون إلى الخلاص، "جاء وسجد له قائلاً: يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني". نعم أيها الإنسان، تجري نحوه وتتوسل إليه عند نزوله إلى أسفل ولكن على الجبل لا تكلمه، لماذا؟ لأن "لكل شيء زمان" (جا 3)، هناك وقت للتعليم وهناك وقت للشفاء. على الجبل علّم الرب وأنار، وشفى النفوس والقلوب. وبسبب هذه الأمور العظيمة، امتنعت عن الكلام، تنحيت جانباً بسبب هذه الأمور السامية.
وبعد الإنتهاء من هذه المهام، ينزل من الجبل السماوي لكي يشفي كل جسد، وها يأتي إليه رجل أبرص، ويسجد له. قبل أن يقدم إلتماسه يبدأ بالسجود له. قبل أن يتوسل يُقدم الإجلال والتعظيم. سجد له. بهذا الفعل، يخاطبه كرب وإله، إذ سجد له. كما فعل أولئك المجوس المباركين، إذ انحنوا أولاً وسجدوا له، ثم قدموا له هداياهم، هكذا على نفس المنوال فعل هذا الرجل، إنحنى إلى أسفل وسجد له وبهذه الطريقة قدم إلتماسه قائلاً:
"يا سيد الرب، تقدم لك العبادة بعدل والخدمة بحق. أني أسجد لك كرب، ولذا كرب أدعوك وأتوسل إليك، معترفاً بأعمالك. كل الأشياء مصنوعة بك. يارب إن أردت، تقدر أن تطهرني. لقد أردت أن يأتي عليَّ هذا البرص النجس، إما بسبب خطاياي، حتى من خلال التأديب أقدم أعمال التوبة، أو بسبب تدبيرك الإلهي حتى من خلال شفائك لي المعجزي يتمجد اسمك. كل الأشياء تتم من خلال أوامرك وتدبيرك، وأنت تعطي الصحة بوفرة. لذا، إن كنت قد ابتليت بهذا البرص بسبب خطاياي، أشفني ماحياً خطاياي، وأن كان ذلك بسبب تدبيرك الإلهي، أشفني بشكل معجزي، حتى تتمجَّد أمام الناس.
يا سيد الرب، إن أردت تقدر أن تطهرني. هناك احتياج إلى إرادتك، لأن المخلوقات تطيع فقط إرادتك، لذا إن أردت، تقدر أن تطهرني. أنا لا اترنح بالشك ولا أتحدث كذاك الذي التمس شفاء ابنه قائلاً: "إن كنت تستطيع شيئاً فتحنن علينا وأعنَّا" (مر 9). لكني أعلم أنك على كل شيء قدير. وها أنا التمس لا قوتك ولا أطلب سلطانك. أعلم أن الإنسان ضعيف، لكنني اتوسل إلى إرادتك، لأن القوة التي تتبع إرادتك سوف تتمم على الفور نعمة الشفاء فيَّ.
يا رب، إن أردت، تقدر أن تطهرني. لي الربح ولك المدح والتمجيد، ولجميع الذي يشاهدون الاعجوبة إتساع في معرفة الحق.
يا سيد، إن أردت، تقدر أن تطهرني. أنت يا من شفيت برص نعمان السرياني بواسطة خادمك إليشع، الذي طلب منه الاغتسال في نهر الأردن.
الآن، إن أردت، تقدر أن تطهرني".
ويجاوبه الرب قائلاً:
"بإيمانك، اعترفت أنني أستطيع، وأنه سوف يتم الأمر إن أردت.
بناء على ذلك، أنا أريد، فاطهر.
بشكل عجيب قد آمنت، وبشكل عجيب قد تم شفائك.
بلا قياس قد اعترفت، وبلا قياس قد تم ابهاجك.
أنا أريد، فاطهر.
لم تتعثر في الإيمان، وها أنا سريع في الشفاء.
لم تتأخر في الاعتراف بإيمانك، وها أنا لا أتأخر في تطهيرك.
أنا أريد، فاطهر.
ولكي أظهر لك نعمة عظيمة، ها أنا أمد يدي إليك"
فمد يسوع يده ولمسه قائلا: "أريد فاطهر"
ولماذا لمسه والشريعة تُحرّم لمس الأبرص؟ لقد لمسه لكي يظهر أن "كل شيء طاهر للطاهرين" (تي 15:1)، لأن النجاسة لا تنتقل من شخص إلى شخص آخر، ولا تُنجِّس النجاسة الخارجية طهارة القلب الداخلية.
لكن لماذا لمسه في هذه الحادثة؟ لقد لمسه الرب لكي يرشدنا إلى التواضع، ولكي يعلمنا ألا نحتقر أحداً أو نشمئز منه أو نحسبه شخص ما تافه جدير بالشفقة، بسبب جُرحٍ في جسده أو عيب في أحد أعضائه، سمح بها الله وعنها سوف يقدم السبب. أنا الطبيب السماوي يقول الرب، واستطيع أن أشفي الأجساد فضلاً عن النفوس. لذا ألمس الجميع، لا لكي تلتصق الأمراض بي، بل لكي أدفعها خارج المصابين. إذ أنني الشمس التي لا تضاهى وقمر البر. لذا فاني أقترب من الجميع، وأشرق في الجميع بكل بهائي من أجل خلاصهم. أنا لا أتغير، وأبقى في جمال قداستي الذاتية.
وهكذا، مَدَّ يسوع يده ولمسه. أنا لا احتقر الناموس بل أشفي الجرح. أنا لا الغي الوصية بل أطهر البرص. وعندما أمد يدي يفارقه البرص فوراً، ولا يستطيع تلوث المرض أن يقترب من كمالي، أو يقاوم قوتي. لذا أقول: أريد فاطهر.
وعندما مد يديه لكي يلمسه فارقه البرص على الفور، وإذا بيدُ الرب لم تلمس أبرصاً، بل جسداً متطهراً!
فلنتأمل هنا، أيها الأخوة الأحباء، في ما إذا كانت نفس أحدنا ملطخة بالبرص، أو كان قلبه ملوثاً بالإثم؟
إن كان الأمر كذلك، فليسجد للرب حالاً، ويقول له: "إن أردت، تقدر أن تطهرني. لقد طهرت قديماً نعمان الذي ارتكب جرائم كثيرة، بل على مر العصور تعطفت وتحننت على عدد لا حصر له من أولئك الذين تضرعوا إليك. لذا، إن أردت، تقدر أن تطهرني"
والرب بسرعه سوف يمد يد رحمته إليك ويقول كما قال للأبرص الذي شفاه:
"أنا أريدُ، فاطهُر".
Reference: The Sunday Sermons of the of the Great Fathers, volume 1, translated & Edited by M.F. Toal , Henry Regnery Co Chicago.
ترجمة المدونة الآبائية
"ولما نزل من الجبل"
عندما كان يسوع يُعلّم على قمة الجبل كان تلاميذه معه، الذين قد أعطي لهم أن يعرفوا أسرار التعاليم السماوية، والذي بواسطتهم قلب العالم البربري سوف يُملّح بمعرفة الخلاص، والذي بواسطتهم أعين العميان - المظلمة بظلال الانغماسات الأرضية - سوف تنفتح على نور الحق. لهذا يقول الرب لنا: "أنتم ملح الأرض .. أنتم نور العالم" (مت 5).
والآن عند نزوله من الجبل تبعته جموع كثيرة.
لا يستطيعوا بأي حال من الأحوال أن يصعدوا للجبل، لأن أحمال الخطية تثقلهم وتعوقهم جداً، ما لم يتخلصوا من حمولتها، هم غير قادرين تماماً على الصعود إلى مرتفعات الأسرار الإلهية. هكذا أيضاً لم يستطع شعب إسرائيل قديماً أن يصعد إلى الجبل وينظر وجه الرب، إذ أنهم كانوا مُقيّدين ومثقلين بأحمال طريقة الحياة التي تعلموها في مصر، لذا صعد موسى وحده، ومعه عدد قليل من بين حكماء إسرائيل. وكما صعد الرسل إلى الجبل مع الرب، هكذا تفعل أيضاً الآن النفوس المؤمنة، التي تخاف الله، وتحب الله، وتشتاق إلى ملكوته السماوي، التي دائماً تتبع الرب، إذ تصعد خلفه نحو الجبل السماوي، مستمعة إلى قول الرسول: "اهتموا بما فوق، لا بما على الأرض" (كو 2:3)
ينزل الرب إلى أسفل، أي ينحدر نحو عجز وضعف الآخرين، ويتعطف على ضعفهم وبؤسهم. والجموع الكثيرة تتبعه، البعض لمحبتهم له، والكثير منهم لسماع تعاليمه، وعدد غير قليل من أجل تحننه وشفاءه. وها هو أبرص، أحد هؤلاء الذين يترجون الشفاء، الذين يتوقون إلى الخلاص، "جاء وسجد له قائلاً: يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني". نعم أيها الإنسان، تجري نحوه وتتوسل إليه عند نزوله إلى أسفل ولكن على الجبل لا تكلمه، لماذا؟ لأن "لكل شيء زمان" (جا 3)، هناك وقت للتعليم وهناك وقت للشفاء. على الجبل علّم الرب وأنار، وشفى النفوس والقلوب. وبسبب هذه الأمور العظيمة، امتنعت عن الكلام، تنحيت جانباً بسبب هذه الأمور السامية.
وبعد الإنتهاء من هذه المهام، ينزل من الجبل السماوي لكي يشفي كل جسد، وها يأتي إليه رجل أبرص، ويسجد له. قبل أن يقدم إلتماسه يبدأ بالسجود له. قبل أن يتوسل يُقدم الإجلال والتعظيم. سجد له. بهذا الفعل، يخاطبه كرب وإله، إذ سجد له. كما فعل أولئك المجوس المباركين، إذ انحنوا أولاً وسجدوا له، ثم قدموا له هداياهم، هكذا على نفس المنوال فعل هذا الرجل، إنحنى إلى أسفل وسجد له وبهذه الطريقة قدم إلتماسه قائلاً:
"يا سيد الرب، تقدم لك العبادة بعدل والخدمة بحق. أني أسجد لك كرب، ولذا كرب أدعوك وأتوسل إليك، معترفاً بأعمالك. كل الأشياء مصنوعة بك. يارب إن أردت، تقدر أن تطهرني. لقد أردت أن يأتي عليَّ هذا البرص النجس، إما بسبب خطاياي، حتى من خلال التأديب أقدم أعمال التوبة، أو بسبب تدبيرك الإلهي حتى من خلال شفائك لي المعجزي يتمجد اسمك. كل الأشياء تتم من خلال أوامرك وتدبيرك، وأنت تعطي الصحة بوفرة. لذا، إن كنت قد ابتليت بهذا البرص بسبب خطاياي، أشفني ماحياً خطاياي، وأن كان ذلك بسبب تدبيرك الإلهي، أشفني بشكل معجزي، حتى تتمجَّد أمام الناس.
يا سيد الرب، إن أردت تقدر أن تطهرني. هناك احتياج إلى إرادتك، لأن المخلوقات تطيع فقط إرادتك، لذا إن أردت، تقدر أن تطهرني. أنا لا اترنح بالشك ولا أتحدث كذاك الذي التمس شفاء ابنه قائلاً: "إن كنت تستطيع شيئاً فتحنن علينا وأعنَّا" (مر 9). لكني أعلم أنك على كل شيء قدير. وها أنا التمس لا قوتك ولا أطلب سلطانك. أعلم أن الإنسان ضعيف، لكنني اتوسل إلى إرادتك، لأن القوة التي تتبع إرادتك سوف تتمم على الفور نعمة الشفاء فيَّ.
يا رب، إن أردت، تقدر أن تطهرني. لي الربح ولك المدح والتمجيد، ولجميع الذي يشاهدون الاعجوبة إتساع في معرفة الحق.
يا سيد، إن أردت، تقدر أن تطهرني. أنت يا من شفيت برص نعمان السرياني بواسطة خادمك إليشع، الذي طلب منه الاغتسال في نهر الأردن.
الآن، إن أردت، تقدر أن تطهرني".
ويجاوبه الرب قائلاً:
"بإيمانك، اعترفت أنني أستطيع، وأنه سوف يتم الأمر إن أردت.
بناء على ذلك، أنا أريد، فاطهر.
بشكل عجيب قد آمنت، وبشكل عجيب قد تم شفائك.
بلا قياس قد اعترفت، وبلا قياس قد تم ابهاجك.
أنا أريد، فاطهر.
لم تتعثر في الإيمان، وها أنا سريع في الشفاء.
لم تتأخر في الاعتراف بإيمانك، وها أنا لا أتأخر في تطهيرك.
أنا أريد، فاطهر.
ولكي أظهر لك نعمة عظيمة، ها أنا أمد يدي إليك"
فمد يسوع يده ولمسه قائلا: "أريد فاطهر"
ولماذا لمسه والشريعة تُحرّم لمس الأبرص؟ لقد لمسه لكي يظهر أن "كل شيء طاهر للطاهرين" (تي 15:1)، لأن النجاسة لا تنتقل من شخص إلى شخص آخر، ولا تُنجِّس النجاسة الخارجية طهارة القلب الداخلية.
لكن لماذا لمسه في هذه الحادثة؟ لقد لمسه الرب لكي يرشدنا إلى التواضع، ولكي يعلمنا ألا نحتقر أحداً أو نشمئز منه أو نحسبه شخص ما تافه جدير بالشفقة، بسبب جُرحٍ في جسده أو عيب في أحد أعضائه، سمح بها الله وعنها سوف يقدم السبب. أنا الطبيب السماوي يقول الرب، واستطيع أن أشفي الأجساد فضلاً عن النفوس. لذا ألمس الجميع، لا لكي تلتصق الأمراض بي، بل لكي أدفعها خارج المصابين. إذ أنني الشمس التي لا تضاهى وقمر البر. لذا فاني أقترب من الجميع، وأشرق في الجميع بكل بهائي من أجل خلاصهم. أنا لا أتغير، وأبقى في جمال قداستي الذاتية.
وهكذا، مَدَّ يسوع يده ولمسه. أنا لا احتقر الناموس بل أشفي الجرح. أنا لا الغي الوصية بل أطهر البرص. وعندما أمد يدي يفارقه البرص فوراً، ولا يستطيع تلوث المرض أن يقترب من كمالي، أو يقاوم قوتي. لذا أقول: أريد فاطهر.
وعندما مد يديه لكي يلمسه فارقه البرص على الفور، وإذا بيدُ الرب لم تلمس أبرصاً، بل جسداً متطهراً!
فلنتأمل هنا، أيها الأخوة الأحباء، في ما إذا كانت نفس أحدنا ملطخة بالبرص، أو كان قلبه ملوثاً بالإثم؟
إن كان الأمر كذلك، فليسجد للرب حالاً، ويقول له: "إن أردت، تقدر أن تطهرني. لقد طهرت قديماً نعمان الذي ارتكب جرائم كثيرة، بل على مر العصور تعطفت وتحننت على عدد لا حصر له من أولئك الذين تضرعوا إليك. لذا، إن أردت، تقدر أن تطهرني"
والرب بسرعه سوف يمد يد رحمته إليك ويقول كما قال للأبرص الذي شفاه:
"أنا أريدُ، فاطهُر".
Reference: The Sunday Sermons of the of the Great Fathers, volume 1, translated & Edited by M.F. Toal , Henry Regnery Co Chicago.
ترجمة المدونة الآبائية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق